كلمات
حضرت بالأمس وأول أمس مؤتمر وطن رقمي، النسخة السابعة، وهناك اكتشفت أن
الاستماع للخطة يختلف كثيرًا عن وجودك بداخلها؛ فأغلبنا يعلم عن رؤية مصر 2030،
ولكن قليلون دخلوا أجوائها، وكثيرون لا ينامون من أجل تحقيقها، وخلال اليومين
المنصرمين رأيت مؤسسات مصرية تعيش من أجل رؤية هذا اليوم، وتبذل كل جهدها من أجل
تحقيق ذلك.
في المؤتمر لم أرى مؤسسات الدولة فقط، ولكني رأيت شعب يسعى للعمل معها،
هناك رأيت نقاشات من عقول تستحق فعلًا أن تدير المستقبل، الأجواء كانت جميلة
للغاية وتدعو للتفاؤل، ولكن أكثر جملة استوقفتني كانت جملة د/ أحمد منصور حينما
سأله أحد الحضور عن مشاكل الزحمة في فروع البريد، وقتها رد عليه بابتسامة: معني أن
في تطوير يعني في مشاكل بنحلها... طول ما أنا ماشي سامحني لو أتأخرت في حاجة.
جملته تلك جعلتني أتعاطف معه جدًا؛ لأنه وضح قبلها كل الحلول العملية التي
أنجزها البريد لحل مشكلات تكدس المواطنين، خاصة في فترة صرف المعاشات، وتلك هي
الروح التي أحترمها وبشدة؛ فعلى الرغم من معرفتهم بأوجه القصور في المنظومة
القديمة إلا أنهم لا يتجاهلونها-كما يفعل البشر في العادة-تاركين الأطلال خلفهم في
سبيل بناء مجدهم الخاص.
هل تعرفون سبب كتابتي لكم مقالة اليوم؟ السبب هو إعطائكم جرعة تفاؤل بعد
الأخبار الغريبة عن المجنون الذي ذبح حبيبته بعد رفضها له، في الأيام الماضية رأيت
جانب خفي عن المصريين لا يعرفه أحد بخلاف طباعهم الودودة والمعاونة وروحهم المرحة،
وهو "شخصيتهم الأصلية" المصريين يتعاملون مع أيّ شخص بابتسامة صادقة،
غير مصطنعة، ولا يخفون بداخلهم أيّ نوايا سيئة تجاه أحد، الشيء الوحيد الذي من
الممكن أن يخفوه عنك هو إعجابهم بك إلا أن تلك المشاعر أيضًا تبدو واضحة في
ملامحهم وفي عيونهم التي لا تكذب أبدًا.
من وجهة نظري لا أرى المثل المصري "الطيور على أشكالها تقع"
ينطبق على الأصدقاء أو الأزواج فحسب، ولكني مقتنعة أن الأرواح المتشابهة تنجذب
لبعضها البعض؛ لهذا السبب لن تشعر أبدًا أنك غريب في مصر؛ فجميعنا نحمل نفس الروح.
أتتذكرون أغنية كلمات للفنانة ماجدة الرومي؟ بعد عودتي للمؤتمر وجدت خالي
يقول لي على حين غرة: الزمن هو الزمن، لكن الناس اتغيرت للأسوأ... ولاحقًا سمعت
خبر المجنون الذي ذبح الإنسانة التي أدعى حبه لها، وقتها تذكرت أخر جملة في
الأغنية: أعود لطاولتي لا شيء معي إلا كلمات... لقد أيقظني البعض بكلماتهم
وتصرفاتهم من حلم جميل يحمل كل معاني الأمل وروعة المستقبل.
لا أستطيع التحكم في غضبي؛ لذا أعذروني على تغير سياق الحديث، ولكن لن أطيل
كثيرًا يكفيني أن أخبركم بأهمية اختيار أُطر الأخبار؛ فهذا المجنون من خبر الأمس
لا يستحق أن نُعطي له مبرر لتصرفاته، خاصة الحب؛ لأن من يحب لا يضر حبيبه، ويشوه
سمعته ويذبحه، ناهيكم عن الحب حتى الكارهين والحاقدين لن تصدر منهم تلك التصرفات
اللإنسانية، هؤلاء المختلين عقليًا لا مكان لهم بيننا، ولا أدري ولا أريد أن أعرف
ما الذي دفعه لمثل هذا الجنون؛ لأن ببساطة الغاية لا تبرر الوسيلة، ولا شيء يجب أن
يشفع له حتى ولو أثبتوا أنه مختل عقليًا.
ليست هناك تعليقات