Header Ads



تحرير الكوكب





تحرير الكوكب



العالم بأكمله الآن يراقب مؤتمر المناخ منذ أيام، ولكن هل نتوقف للحظات لننظر نحن لقضية تغير المناخ من زاوية أخرى، زاوية بعيدة عن الرسميات والقرارات الدولية، وقريبة من البشر أنفسهم، ونظرتهم للكوكب الوحيد في مجرة درب التبانة الذي يصلح للحياة.

دعوني أذهب معكم بآلة زمن للمستقبل، وإذا سمحتم قرائي الأعزاء أقرؤوا السطور التالية وكأنها واقع سيحدث بالفعل ولا تعتبروها ضربًا من ضروب الخيال، في عام 2122 انتشرت الأوبئة والأمراض بكثرة بعد ندرة المياه وتصحر الأراضي الزراعية بفعل الاحتباس الحراري؛ فمع ارتفاع درجة حرارة الكوكب ذاب الجليد في القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية، وللأسف أغلب النباتات انقرضت وبعض الحيوانات أمست قاب قوسين أو أدنى من ملاقاة نفس المصير، وكيف لا يحدث كل هذا والبشر أنفسهم على شفا حفرة من الانقراض أيضًا.

اختفاء المانجو وبعض الثمار وعدم قدرتنا على الاحتفال بشم النسيم كما شاهدنا حملة اتحضر للأخضر أصبحوا رفاهية لم يستطع البشر الوصول إليها؛ فالأمر كان أخطر بكثير من هذا وذاك، خاصة بعد الحرب النووية التي حدثت في عام 2050 والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير؛ فالحرب لم تقضي على البشر فحسب بل قضت على الأخضر واليابس وزادت من نسبة الاحتباس الحراري وأضحى الوقود الأحفوري وقطع الغابات ملاكًا يطلب الرأفة بالكوكب من شيطان الغبار الذري.

بعد قرن من الآن اختفت صورة كوكبنا الأزرق من خريطة الكون وتحوّل لكوكب بني اللون بسبب المستنقعات التي اغتصبت مساحاته الخضراء.

والآن لنعود للحاضر، ونحرق تلك الآلة نهائيًا، ونفكر كيف سنغير هذا السيناريو ونسطر غيره، ولنبدأ بإجراءات صارمة، وأولها التوقف عن الاستهلاك بشراهة يعني لنكن أقل استهلاكًا للسلع والخدمات ولنتخيل أننا عدنا لفترة الحظر -الله لا يعيدها مجددًا- تلك الفترة الكوكب تنفس الصعداء قليلًا حينما اختفى البشر وتوقفوا عن استخدام كل وسائل المواصلات باختلاف أنواعها، الحياة توقفت تمامًا وقتها مما أدى إلى التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري.

مع الأسف في السنوات القليلة المقبلة -سواء شئنا أم أبينا- سنصبح مجبرين على تقليل استهلاكنا للسلع والخدمات بسبب الأزمة الاقتصادية، ولكن لنقنع أنفسنا من الآن أن الأزمة الاقتصادية لن تضرنا أكثر من كوكب على وشك الاحتراق.

أما بالنسبة لأغنياء الكوكب؛ فأنا أرى أن الحياة في المستقبل ستتشابه مع أحداث رواية آلة الزمن لهربرت جورج ويلز، ورواية يوتوبيا لأحمد خالد توفيق -رحمه الله- يعني سيصبح الأغنياء في معزل عن الفقراء وسيتركونهم يذوقون سوء العذاب في كوكب دمروه هم بسبب رفاهيتهم؛ لهذا السبب لو كنت ثري فحاول المساهمة في حماية هذا الكوكب معنا لأن في النهاية لو تدمر هذا الأخير كلنا سنبقى تحت رماده، ولو سألتني كيف ستساعد الكوكب سأخبرك كما قال الشعب الكوري الجنوبي لزوجة رئيسهم: keep a low profile يعني لا تصبح أمريكي العقلية وتدمن الشراء، وتتجه لنمط الاستهلاك المبالغ فيه.

انظروا للصين كيف أصبحت من أفضل المجتمعات المتقدمة بعدما بدلت ثقافتها من ثقافة الاستهلاك لثقافة الإنتاج والتصدير والاستغناء عن كل ما هو غير ضروري امتلاكه.

سأختم معكم بمبدأ من أهم مبادئ حياتي، وهو "من أفسد شيء فعليه إصلاحه" وبما أن الجميع -بلا استثناء- شاركوا في تدمير الكوكب فعلينا جميعًا أن نتكاتف لإصلاح ما أفسدناه، وأقصد بالجميع هنا أفراد الشعوب أكثر من قادتها؛ فالشعوب هم الأبطال الأساسيين الذين سينفذون عملية تحرير الكوكب وإنقاذه.  

 


 

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.