Header Ads



سأحارب الدمنتور



سأحارب الدمنتور

 

جلست تراقب المارة أمام محطة كوبري القبة أثناء انتظارها لصديقتها، لم تفعل ذلك منذ سنوات فأغلب أوقات انتظارها كانت تقضيها في تدوين الملاحظات أو تصفح الجريدة أو كتابها المفضل، ولكن يومها طوت جريدة الأهرام، وقررت أن تستخدم هواياتها في قراءة عقول الناس وتخمين مشاعرهم المختبئة خلف ملامحهم الصماء.

بدأت تراقب طفلين يسيرون بجوار أمهاتهم ويحملون كرة بلاستيكية حجمها ضعف حجم جماجمهم، ولكنهم وعلى الرغم من يومهم المليء بالمرح إلا أن ملامحهم كانت محملة بالاستياء والحزن أثناء انتظارهم لأمهاتهم وهن يبحثن عن "شباشب" تناسب مقاساتهن من بائع فرش بسطته على الأرض؛ لذا قررت أن تترك مراقبة الأطفال وتبحث عن أُناس آخرون لتُجري عليهم تجاربها السيكولوجية، وتلك المرة لمحت صديقان فخمنت أنهم عائدان من عملهم، ولكنها لاحظت أنهم يضحكون على استحياء وكأن هناك شخص يرصدهم، ويقتنص الفرصة للقبض عليهم وتغريمهم لكسر قانون الحزن الذي ألقى بظلاله على المنطقة بأكملها وأطفئ كل أضواء الطريق المفعمة بالحيوية.

تمنت ولأول مرة أن يطول انتظارها وآلا تأتي صديقتها مطلقًا إلا بعد التأكد من الحالة النفسية للمارة؛ فظلت تراقب وتراقب على أمل أن تجد شخص واحد فقط يضحك من قلبه، ولكنها لم تعرف أن انتظارها بحد ذاته مجرد عبث؛ فهذا الشخص لن يأتي أبدًا، ولا معنى لانتظار "جودو" بعد الآن.

لهذا أغمضت عينيها وتخيلت نفسها مسئولة عن إسعاد البشر وتحقيق أمنياتهم وأحلامهم، وتمنت أن تصبح كائن أسطوري يفعل عكس ما فعله "الدمنتور" في أفلام هاري بوتر، تخيلت أن تمحو كل ذكريات البشر التعيسة وأن تجعلهم يتذكرون فقط كل لحظاتهم وذكرياتهم السعيدة، تخيلت نفسها طيار يُحلق بطائرته الهيلكوبتر فوق شوارع مصر ويُلقي بتلات الورود على كل الأحياء والحارات، تخيلت وتمنت أن يقودها القدر وتمنحها الحياة مصير من يرسمون البسمة على شفاه من فارقت الابتسامة وجوههم.    

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.