حكايا الطريق... آخر الرجال المحترمون
حكايا الطريق... آخر الرجال المحترمون
أنا قررت أحكي لكم سلسلة حكايات ميكس كوميدي ع تراجيدي ع أكشن... التنوع نابع من الحظ والصدف، هي مجرد لقطات إنسانية بلورها العقل في صورة حكايات سأقصها عليكم من حين لآخر بعنوان:
#حكايا_الطريق
النهاردة الحكايات أبطالها رجال -مع الأسف- من نوعية انقرضت، تعالوا نشوف واحكموا بنفسكم....
1-المحترم الأول:
كان خط سير العربة ينتهي في المظلات وكان يجلس في الكنبة الأخيرة وأنا في الصفوف الأمامية، لم يتبقَ في نهاية الخط سوى أنا وهو؛ فلملمت شنط كتبي وكنت على وشك فتح الباب لاقيته سبقني وفتح الباب ونزل.... من الطبيعي أن يذهب لحال سبيله، ولكنه وقف ومسك الباب كي لا يغلق مجددًا نظرت إليه باحترام لسبب بسيط جدًا: أنا مش هركز مع باب العربية وأنا ماسكة شنط شكرًا يا باشا... الصدفة الغريبة إننا اتقابلنا مرة تانية (بردو صدفة ع رأي حليم) في أقل من 10 دقايق، وقتها سبقته أنا للعربية وفضل سواق عربية التحرير بينادي ع الركاب ليتفاجئ حين ركوبه أن القدر جمعه مجددًا مع نفس الفتاة التي قابلها منذ قليل؛ لكن تللك المرة لم يجلس في الكنبة الأخيرة وجلس في الكرسي الساكن خلفي، طبعًا هتسألوا عرفته منين وأنا مش بركز ف وجوه البشر؟؟ عرفته من لون بدلته وقتها قلت أكيد ده حد من جواسيس الصين وعايز يتأكد إني مصرية مش هربانة من عندهم.... دي كانت أول قصة نقدر نوصفها بجملة واحدة "مصر أوضة وصالة يا عزيزتي".
2-المحترم الثاني:
كنت بسأل على عربية التبرع بالدم نظر لي بفخر وذهب معي خشية أن يخطفني الأشرار (فهمني غلط طبعًا ميعرفش إني مصاص دماء) قالي جملة غريبة أووي: تعالي يا بنتي متخافيش مالك مخطوطة أوي كدا ليه (كان مفكرني تايهة وعايزة ماما أو خايفة من الحقن ميعرفش إني كنت خايفة يرجعوا بالحملة قبل ما أقابل مس هالة عشان تأخد العينة مني)... وصلت بالسلامة لاقيت شاب بيتبرع بدمه ويتألم من حقنة الوريد، لحظات وامتلأت العربة بالمتبرعين، وكأن ربنا قدر لي رؤية شخص قرر يتوجع بالحقن من أجلي، هذا الموقف فيه أكثر من محترم بصراحة بس معرفتش أوصفهم كما ينبغي عشان طردوني من العربية لإيجاد أماكن للمتبرعين؛ فحينما يأتي المتبرع يجب أن يرحل مصاص الدماء على الفور.... تلك القصة ممكن نسميها "إذا حضرت الملائكة ذهبت الشياطين"
3-المحترم الثالث:
في موضة فتح باب العربية بتتفشى في البلد اليومين دول... منذ ساعات قليلة عدت لمنزلي بتاكسي؛ كالعادة كان معي شنط كتب، وقتها لم أستطع فتح باب التاكسي لأنه كان بيفتح من الخارج فقط وإيدي كان فيها شنط، ولحظي العجيب كان في كلاب عند بيتي صوتها لوحده يخوف، سواق التاكسي شخصية كتييير محترمة قالي: أنزل أقف لك عشان الكلاب؟؟؟ قلت له يا ريت أنا بخاف من الكلاب حتى لو ساكتة... لاقيته نزل من العربية وفتح لي الباب ونادى على شاب معرفهوش بس تقريبًا جارنا في العمارة، السواق قاله جملة غريبة كأنه بيوصل طفلة ف ابتدائي: والنبي يا كابتن ممكن توصلها بس ومتخليش الكلاب تيجي جمبها؟؟؟ رد الشاب عليه، وقاله: حاضر (تقريبًا وافق من باب الشهامة)، ومن غير ما يكلمني مشي ورايا لحد ما دخلت باب البيت... الحكاية دي ممكن نسميها -من وجهة نظر الشاب لو سألته والدته كان فين؟؟- "معلش يا ماما إتأخرت عشان كنت بنقذ طفلة من الكلاب".
4-المحترم الرابع:
دا بقى عامل زي النسمة -حرفيًا- كنت خارجة من مترو السادات ومعايا شنط كتب (لاحظوا أن شنط الكتب هي كلمة السر في أغلب حكايات طريقي) عقبال ما طلعت من السلم الأول كنت استهلكت كل أكسجيني وقفت ونزلت الكتب ع الأرض وشيلتها تاني لاقيت حد بيمسك الشنط مني أنا قلت في سري: يا نهااار بلاااك في حد بيسرق كتب دلوقتي الحمد لله البلد لسه فيها مثقفين خدهم يا بني هدفعلك ثمنهم عشان تقرأهم بالحلال، طبعًا كل التفكير العبثي ده تم في أقل من فيمتو ثانية وسرعان ما أدركت إني وقعت في حب هذا التصرف المحترم من شاب لم ينظر لي وأخذ الشنط وسبقني ع السلم وطلع لحد الشارع، الجملة الوحيدة اللي قالها لي: "هتروحي فين هوصلك، أنا ماشي كده" وشاور ع ميدان عبد المنعم رياض، قلت له شكرًا لحضرتك أنا هركب تاكسي من هنا... الموقف ده ممكن نوصفه بـــ "الله يكرمك يا بني ويبارك لك".
5-المحترم الخامس:
كنت مع بابا بنعدي الشارع وكانت كل العربيات ماشية بسرعة مش راضية تقف، وفجأة ظهر من العدم بسيارته فوقف وشاور بيده من خارج الزجاج عشان يجبر العربيات اللي جايه ع شماله تقف لحد ما نعدي الطريق، هذا الموقف مستحيل هنساه عشان وهو ماشي دعى لبابا، وقاله: ربنا يحفظك يا حاج.... طبعًا فهمتم عنوان الموقف ده إيه من قبل ما أكتبه صح؟؟؟ برافوووو عليكم مفيش أحلى من عنوان: "تكرمي عشان خاطر والدك"
هو ده فعلًا أفضل ختام لحكايات اليوم: دعوات أمي وأبي -الله يحفظهم- هي اللي بتسخر لي ملائكة على هيئة بشر من نوعية آخر الرجال المحترمين.
ليست هناك تعليقات