Header Ads



كواليس من حياتي: الثانوية العامة

 





كواليس من حياتي: الثانوية العامة

 

 

الذكريات على قد ما هي ممتعة على قد ما هي مخيفة بتحسسك أنك كبرت بتخليك تفكر في القطارات التي تركتها تمضي بدونك، وفي الدروب التي تجاهلتها وفضّلت عليها دروب أخرى.

على أيامي كانت شهادة الثانوية العامة مُقسمة نتائجها على سنة تانية وسنة تالتة يعني مجموع "كل المواد" في السنتين هما اللي بيحددوا مستقبلك عكس الأيام دي بيختاروا أفضل مادتين جبت فيهم درجات في تانية وأفضل مادتين جبت فيهم درجات في تالتة ويجمعوهم سوا... المهم من رأفة ربنا بالكوكب أن سيناريو حياتي مشي بما لا تشتهيه سفني.

حلم حياتي من صغري أطلع دكتورة بيقولوا اللي بيكره شخص، كيان أو مهنة بيبعد عن كل حاجة بتفكره بيهم؛ لكن أنا طول عمري ماشية بالعكس بكره الأطباء والمستشفيات وحتى كلية الطب بس قلت مش لازم أسيب الأطفال تحت رحمة الأطباء الفشلة والمستشفيات المقبضة وكليات الطب اللي بتخرج في السنة 10 أطباء متميزين والباقي بيبقوا بلاء من عند ربنا ليختبر بهم صبرنا على نوائب الدنيا.

الصف الثاني الثانوي:

تعبت جدًا في السنة دي لدرجة إن كان في يوم أنا فاكرة تفاصيله حتى وقتنا هذا، اليوم ده كان الإثنين من كل أسبوع، كنت بصحى 6 الصبح أروح المدرسة وأرجع على درس الكيمياء وبعده أطلع على درس الرياضة وآخر اليوم أقضيه عند فراو إيمان "درس الألماني" كنت بروّح البيت الساعة 9 ونص بالليل تخيلوا كنت بقضي 15 ساعة في الشارع مع كمية معلومات متنوعة ووجبة واحدة في اليوم بس (مكنش في وقت أصلًا عشان أكل).

السنة دي كنت حرفيًا مبعرفش أفرق بين الليل والنهار بيصحوني 8 بالليل أقولهم المدرسة معادها فات، كل يوم جمعة عدى عليا وأنا في تانية ثانوي كنت بعيشه وكأنه وقفة عرفات أو أول يوم العيد عشان كنت بعرف أنام فيه ساعتين زيادة..

كان المفروض عشان أدخل طب أجيب على الأقل 95% لكن قبل امتحان الكيمياء وقت موجة "هايدلينا" كان لي لقاء مع أحد أكياس الدم الملوثة نحمد الله إني لم أمت وقتها لكن بعد هذا اليوم لم تشفع لي أيّ دماء في تذّكر مسائل الكيمياء العضوية حتى تلك المسألة التي أخبرت أصحابي أنها ستأتي في الامتحان.. وقتها ردوا بسخرية "ماشي ياللي مكشوف عنك الحجاب هنذاكرها"، وبالفعل جاءت كما أخبرتهم ولكني لم أتذكر خطواتها وتذكرت فقط الرقم النهائي "الحل". نعم يا قارئي الحبيب لقد جاءت نفس المسألة بنفس الأرقام.. في هذا اليوم ولأول مرة في حياتي كرهت أن تتحكم في عقلي بضع كريات حمراء تُنسيه أشياء وتحرمه مستقبل لطالما تمناه.

وقت استلام الشهادة رأت أمي أن مجموعي 85% كادت تسقط أرضًا من الصدمة أتذكر حينها أنها ظلت تبكي وتضرب على دولاب غرفتها في حالة هيستريا، وبسبب هذا المجموع المُخزي حولت من علمي لأدبي، ومنذاك الحين حتى الآن لا أحب أيّ شخص يمزح معي ويقل لي "أكيد كنتي أدبي في الثانوية العامة" ساعتها بكون في حالة دفاع عن النفس وبتذكر بحسرة الماضي الأليم، وبمنع نفسي من الرد عليه قائلة: "لولا بعض الحمقى أعطوني دم ملوث مكنش زماني حولت مساري وقابلت واحد زيك".

على العموم أنا سعيدة بحياتي الآن وسعيدة أكثر إني درست الكيمياء والتفاعلات الحيوية والعضوية وعرفت ليه في ناس بحسهم أكسجين لهيدروجيني وناس تانية بحسهم ثاني أكسيد الكربون.

الصف الثالث الثانوي:

كان عام مليء براحة البال عارفين اللي قابل كل بيوت الوحش في لعبة ماريو وقرر يستجم ويلعب البيوت تاني من الأدوار الأولى أهو هو ده اللي حصل معايا في سنة تالتة.

يعني بالمنطق كده اللي درس الكيمياء أكيد مش هيصعب عليه يدرس تاريخ واللي كانوا بيقولوا عليها فيلسوفة وهي في إعدادي مش هيبقى صعب بالنسبة لها تفهم علم نفس، وبالفعل جاءت النتائج فوق كل التوقعات بما فيها توقعاتي أنا شخصيًا وجبت 203 من 205 يعني نجحت بنسبة 99%.

قبل ما أختم معاكوا حابة أحكي لكم عن موقف اكتشفت فيه جانب شرير وانتقامي في شخصيتي، الموقف ده خلاني أصدق إن لقب "ديب" بابا مش بيقوله ليا من فراغ.

وقت المراجعات اللي قبل الامتحان كان عندي في يوم مراجعة تاريخ ومراجعة إنجليزي وكان تاني يوم امتحان الإنجلش في حين أن التاريخ كان فاضل على امتحانه أسبوع كامل، المهم أستأذنت مدرس التاريخ أروح المراجعة أتاري الباشا قالهم محدش يقولي وقت مراجعاتي أن عنده مراجعة تانية طبعًا وقتها سمعت منه كلام قصاد الناس كلها وبعصبية حسسني إني خنته لما قلت له هروح مراجعة الإنجليزي، وقتها وشه قلب أحمر وقالي: أنا كوفتكي قدامك مش مالي عينك أنا أتفضلي يا أستاذة.. معرفش إيه علاقة مالي عيني ومالي قلبي بالموضوع دا مستقبلي أنا حضرتك، أنا اللي أقرر هكمله إزاي ومع مين؟!!! طبعًا أنا مشيت من المحاضرة على أخري وكنت عايزة أقوله أنت غبي امتحان الأنجلش بكرة أيها المعتوه!!! بس سبته يمضي لحال سبيله، وكان في محاضرتين نهائيتين قبل امتحان التاريخ فكبرت دماغي وعاندت ومرحتش -بصراحة- مكنتش عايزة أشوف وشه.. لحد أما جت اللحظة الحاسمة وعرف إني جبت 50 من 50 في التاريخ وقتها اتصلوا بيا، الباشا عايز يفتخر بيا ويكرمني على تفوقي!! رديت بكل هدوء وقلت للمتصل: يكرمني أنا؟؟ قولوا له أنا مش بس جبت 50 من 50 في التاريخ أنا جبت 99% بس ميسعدنيش أبدًا أروح أتكرم من أستاذ عاملني بمنتهى قلة الذوق لمجرد إني قلت له هروح أحضر المراجعة الأخيرة للمادة اللي كنت همتحنها تاني يوم، قوله بس الكلمتين دول وهو هيفتكرني.

أنتوا عارفين إيه اللي حارق دمي؟؟ أن الدرجتين اللي نقصوا مني كانت واحدة منهم في مادة الإنجليزي، اللي كان عايزني مرحش مراجعتها النهائية وأكمل معاه محاضرته.

أول ما رحت أستلم ورقي من المدرسة عشان أقدم في التنسيق كان مستر علاء "مدرس الإنجلش" الله يمسيه بالخير موجود في انتظار الاحتفاء بتلامذته، وقتها وقف قصادي ولم يكترث بزملاؤه ولا بوجود بابا وقالي 24 من 25 ليه يا هبه؟ الدرجة دي راحت فين ضيعتيها إزاي؟؟؟؟ ليه عملتي كدا دا أنا قلت أنتي الوحيدة اللي هتقفلي مادتي جايبة في كل المواد الدرجة النهائية إلا مادتي ليه؟؟؟ طبعًا حبيت أهدي أعصابه فقلت له "يا مستر مش كل المواد قفلتها مادتك أنت بس والعربي هما اللي نقصوا درجة" بس تقريبًا عصبته أكثر..

بابا كان شايف المشهد وسعيد بالرغم من كونه عبثي جدًا بنته ناجحة بتفوق وبالرغم من كده بتتعرض للوم والعتاب من مُدرسها عشان خاطر درجة واحدة نقصتها.

الموقف الأخير كان موقف ماما طبعًا فاكرين حالة الهيستريا اللي عاشتها في سنة تانية.. في سنة تالتة بقى جالها حالة نكران للموقف، وقتها أخويا راح يشوف النتيجة مع جارنا وهما الاتنين رجعوا مبسوطين كأني أخدت نوبل وقالوا لها عايزين حاجة حلوة بنتك جايبة كل الدرجات النهائية طبعًا ماما سابت أخويا وسألت جارنا: "قولي وأنا مش هزعل هبه نجحت زي السنة اللي فاتت 85% بس صح؟" (تقريبًا جاتلها تروما من الرقم ده) رد عليها جارنا: والله يا طنط ما شاء الله كل المواد قفلتها ما عدا العربي والإنجليزي كل مادة فيهم ناقصة درجة واحدة.

بسبب موقف ماما ده بقيت مدمنة درجات نهائية في الجامعة كنت مهووسة بتقدير جيد جدًا وامتياز ومجبتش مقبول غير مرة واحدة بس في حياتي بكواليس كوميدية علمتني درس من أهم الدروس اللي إتعلمتها في حياتي..

للكواليس بقية انتظروها,,,

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.